أهم المنشورات

الاثنين، 6 أبريل 2015

بقلم الآستاذ هشام ياسين ............ صرخة .أسمعُ طفلاً يصرخ.




بما يشعر بالخوف ، ربما يشعر بالجوع ، ربما يشعر ببرد قارص ، ربما يشعر بالمرض ، أو ربما قد حُرمَ من حنان أمه فلم يجدها.
فشعر بخوف يملأُ قلبه وسرى الجوعُ فى جوفه وانتابته رجفةُ بروده قاسيه فدب المرضُ فى أنحاء جسده فما حيلتِهِ حينئذ سوى الصراخ لعلَّ فى الكونِ من يسمعه ويخففُ من ألمه.
...أرى من يقفُ على خشبةِ مسرح يعلو صوتَهُ بالغناء ويقول:-"آآآآه".
يقولها بنغمةٍ عذبه ، لا يفهمها من يسمعه ، كى لا يعلمُ عن ألمه أحد وهو يصرخ معبراً عن آلامه والجمهورُ له مصفقاً يهتفونَ له.
حتى تنتهى أغنيته ويعودُ من حيثُ أتى وتبدأ آلامه بعيداً وحيداً عن كل من أسعدهم.
لكننا لم نعد أطفالاً.
ولم نعتلى مسرحاً من قبل ليعلو صوتنا.
إننا خُلقنا هكذا ، هكذا فقط.
...أشعرُ أحياناً أننا خُلقنا لكى نتألم فقط ، لكى يؤلمنا البعض ، يؤلمنا كثيراً حتى تنتهى حياتنا ، تنتهى بالألم.
أشعرُ أن قلوبنا لم تُخلق لتنبض سوى بالألم ، أشعرُ أن هذا القلب لم يُخلق ليشعر بفرحه تسرى داخله.
أشعرُ بأنه لو جاءته فرحةٌ فى يومِ ما ، ربما يموتُ ألماً أو يموتُ فرْحاً.
لم نعد أطفالاً تصرخ.
لكننا نريدُ أن نصرخ ، نصرخ مما بداخلنا من آلامٍ وهمومٍ وأحزان.
نريدُ أن نصرخ ليعلمَ الجميع أننا قد إحترفنا مهنةَ التمثيل ، أننا نستطيع أن نقومَ بأدوار البطولةِ فى حياتنا.
نستطيع أن نأخذ دور البطولةِ فى قصصنا ، نستطيعُ أن نخبرهم كم أننا سعداء ! ، نستطيع أن نشعرهم كم أننا سعداء ! ، بل ونجعلهم يصدقون تلك السعاده التى نتظاهرُ بها أمامهم.
نعم ، إننا نستطيع.
لكنْ تبقى الحقيقه الواضحه أمامنا أننا لا نشعر بتلك السعاده ، إننا لا نصدقُ أبداً أننا قد تخلينا عن همومنا وأحزاننا.
نستطيع أن نُمثل السعاده ، الفرحْ ، الأمل ، التفاؤل.
نُمثل فقط ولا نعيش أحداً منهم.
نتظاهر بالسعاده ، نضحكُ كثيراً ، نتحدثَ عن الأمل ونُخبر عن التفاؤل ، لكننا لسنا كذلك.
رسمنا لأنفسنا أمام الناس صوره زيتيه لامعه براقه عن حياتنا الخياليه.
أردنا فقط أن نشعرهم بأننا بأفضل حال.
أردنا أن نُشعر المقربين منَّا بما نريده ، بما فقدناهُ ونبحثُ عنه.
تحاملنا على أنفسنا حتى لا نؤلمَ أحداً.
حتى آلامونا.
أريدُ أن أصرخ.
ليتنا نصرخ ، لننفثّ عنا نيرانِ قلوبنا ، لنُخففَ شيئاً من لهيبِ قلوبنا.
تمنينا أن نعرفَ معنى السعاده ، تمنينا أن نضحكَ حقاً من قلوبنا ، ومن كثرةِ ما تحدثنا عن الأمل والتفاؤل تمنينا لو نعيشُ فى الأمل لحظات.
تهنا فى حياتنا ، تهنا من حياتنا ، وتاهت مننا الحياه.
تهنا فى حياتنا فلم نعد نعرف ماذا نريدُ؟ ، متى نريد؟ ، هل نريد؟!
تهنا من حياتنا فلم نعد نعرف معنى الفرحه من كثرةِ أحزاننا.
وتاهت مننا الحياه فلم نعد نعرف أين نجد فى دنيانا حياه؟ ، أين نجدُها؟! ، وكيفَ هى الحياه؟!
لم نعد نعرف أى شئ.
لم نعد نعرفُ أى شئٍ فى تلك الحياه.
سوى شئٌ واحد...
أن هذه الحياه ليست بالحياه.
أؤمنُ أننا لسنا فى حياه بل إننا فى إختبارٍ للحياه.
لكنه إختبارٌ صعب ، إختبارٌ طويل ، زمنُهُ قصير ووقتُه طويل.
ليتنى لم أوجد.
ليتنى لم أولد.
ليتنى كنتُ شيئاً من "ماذا؟!" أو "لماذا؟".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات