أهم المنشورات

السبت، 28 مارس 2015

بقلم / إبراهيم فهمى المحامى..........قصة فى مفترق الطرق


إستيقظتْ فجأه على صراخها ودموع العين تنسدل من عينيها بلا توقف ، وضربات القلب متلاحقه ، وأنفاسها تكاد تتوقّف ...فدخلت عليها والدتها ووالدها وعلامات الفزع ترتسم على ملامحهما .. واحتضنتها أمها مرتجفه متسائله :
ــ فى أيه ؟ .... مالك يا حبيبتى ؟ ...متخافيش
وتسائل الأب بصوته الحنون الدافىء : ــ فى أيه يا بنتى ؟ ... مالك يا حبيبتى ؟
بينما ظلّت ندى واجمه تنظر إليهما بعينين تفيضان بدموع لا تنتهى .. واندفعت فى صدر أمها ترتعش وتنتحب .
وظلّ هذا الموقف دقائق كانت بمثابة ساعات طويله لثلاثتهما إلى أن إستجمعت ندى أنفاسها وهدأت قليلاً ضربات قلبها وقالت :
ــ كنت بحلم حلم وحش أوى .. حسيت إنى بقع فى حفرة كبيرة وعمّاله أصرخ علشان حد ينقظنى ملقتش غير ولادى واقفين جنب الحفرة بيقولوا يا ماما يا ماما وبيعيطوا جامد....... ربّت الأب على كتفها وقال لها : متخافيش يا حبيبتى ده كابوس ... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، إنتِ بخير يا ندى واحنا معاكى يا حبيبتى .
وظلّت الأم تحسّس على شعرها برفق وحنان وتُقبّل وجنتيها وتمسح لها دموعها ولم تتوقف هى الأخرى عن البكاء .
وبعد وقت ليس بالقصير أراد الأب أن يُنهى ذلك الموقف البكائى الأليم محاولة منه أن يخرج الجميع من حالة الفزع التى إنتابتهم وقال لإبنته : قومى يا حبيبتى إتوضّى وصلّى ركعتين لله وتعالى نفطر مع بعض ده مجرد كابوس والحمد لله وكل شىء هيبقى كويس إن شاء الله .
وشعرت ندى أنها أفزعت والديها بصورة كبيرة فطمئنتهما وقالت لهما : أنا بخير الحمد لله ... أنا آسفة إنى أزعجتكم ... دلوقت أنا أحسن .. إتفضلوا وأنا هقوم أتوضّى وأصلّى وآجى أفطر معاكم .
وبذلت ندى كل ما تستطيع لتطمئن والدتها حتى خرجا وتركاها وحدها ، وشردت ندى بتفكيرها إلى سنوات طويله مضت وهى تحاول أن تخدع نفسها وتتوهّم سعاده لم تتذوقها ... كيف عاشت مع ذلك الرجل طوال تلك السنوات ؟ .. وكيف سكتت على كل هذا الظلم وكل هذا القهر أملاً منها أن ينعدل حاله وأن يصحو ضميره ويعاملها ويعامل أبناءه بصورة طيبة وحنونة ؟ ... كيف صبرت على بخله وقسوته مع أبناءه بهذا الشكل ؟ 
إنه رجل ميسور الحال ولكنه يعبد المال بطريقه لا يتصورها عاقل ... لا يحنو على أطفاله أبداً .. ولا يخجل من ترك أبناءه بلا ملابس وبلا طعام ... أقام لنفسه غرفة خاصة ينام فيها ويُخبىء أمواله فيها .. ويحذر على أى فرد من أفراد عائلته أن يدخلها .. وركّب جهاز تكييف لحجرته هو وترك أولاده الصغار بلا مروحه عاديه تقيهم حر الصيف .
لا يهتم بتعليم أبناءه .. ويتلذّذ بحرمانهم .... يستكثر عليهم تناول اللحم ويعمل لنفسه هو وجبات لحم ولا يسمح لأحد بأن يتناولها معه ، حتى أبناءه .
ويطالبها بالإكتفاء بالأكلات البسيطة التى لا تبنى لهم صحه ...يحاربهم إذا دخلت فاكهه فى البيت ويستأثر بها لنفسه ويأخذها من يد أطفاله مدّعياً بأن هذا تبزير .
يمضى الليل كله بليله ونهاره مع أصحابه ومع تجارته ولا يعبىء بشئون أسرته ولا إحتياجاتها ... لا يكرّث وقته لزوجته ولا لأبناءه .. ومع ذلك يوهم الآخرين بأن أبناءه يعيشون فى أحسن حال وأنه يُغدق عليهم بكل ما استطاع من إغداق .
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل دأب على ضرب زوجته وإهانتها وسبّها أمام الأطفال بكل صور الإهانات والقسوة .
كيف كانت تسكت على كل ذلك ؟ ... وكيف ارتضت بهذه الحياه ؟ 
الشىء الوحيد الذى لم تتمالك نفسها ولم تسكت عنه حين سبّ والديها بأفظع الشتائم ، فصرخت وكأن جبال الصبر كلها تحولت داخلها إلى براكين وحمم .
واستعرضت حياتها معه طوال تلك السنوات فلم تجد له حسنة واحده معها .
ما أصعب أن تصل العلاقة بين زوجين إلى أن يصبح عذاب طرف يهون على الطرف الآخر .
إنها تتمنى له الآن كل ضرر وتمنّت إنتقام ربها منه .
أين سنوات عمرى التى سرقتها ؟ 
أين شبابى الذى سلبته منى ؟
أين سعادتى التى حرمتنى منها ؟
أين حياتى التى اغتلتها ؟
ما عاد ل كفى القلب شىء ، فقد أضعت كل شىء .. الآن أريد فقط إسترجاع حياتى التى سلبتها منى ...لن تمنحها أنت لى ، سأنتزعها انا منك ، سأنتزع ما بقى لى من عمر لأعيشه بعيداً عن سجنك .. بعيداً عن إعتقالك لى .
أضعت منّى سنوات عمرى وأضعت منّى أولادى فلا مكان لك الآن فى ذاكرة قلبى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات