من المجموعة القصصية نجوى الورد
قصة :قطار الرعب
كلمات الكاتبة الجزائرية :سوسن الشريف
أسرعت الخطى و ألقت نظرة خاطفة كعادتها على كل عربات القطار لتختار الأكثر اكتظاظا بالمسافرين ..!!
إنها لا تحب السفر بالقطار .. قرأت كثيرا قصص أجاثا كريستي فأثرت فيها و سكنها الخوف ..
ماذا أصابها ؟! .. لا تدري
إنه الإنسان غريبة أطواره .. أحاسيسه تتغير ومشاعره تتلون هبوطاً و صعوداً بحالته النفسية
جلست في استرخاء، أغمضت عينيها واستسلمت لإغفاءة إعياء فقد كان يومها حافلا بالتعب حيث كان زبائن المكتب كثيرين اليوم وعصبيين !
لا غرابة ! .. ثمة الكثير من القضايا التي صدرت بشأنها أحكام ونهاية الأسبوع دائماً متعبة
توقف القطار في أكثر من محطة وفجأة فتحت عينيها لتجد نفسها وجها لوجه مع شاب بالمقعد المجاور لها يحدق فيها بطريقة غريبة والعرق يتصبب من جبينه وفجأة بدأ ينزع البلوفر الصوفي ثم القميص ..
ارتعدت أوصالها، ولم تشعر بنفسها إلا وهي تنتفض برعب واقفة لتقترب بتريث من جرس الإنذار ! أمسكت به ويدها ترتعش وبقيت يدها الأخرى متشبثة بحقيبة يدها
و بالكاد رجلاها تحملانها فهي ترتعش بشكل غريب و كاد يصيبها نوع من الغثيان ..
ما أقسى الخوف .. !!!
الآن فهمت حقيقة ما تعنيه أجاثا كريستي حين تصور الرعب والخوف وكيف إنه يشل الإنسان ويصيبه بالعجز فلا يقوى على الحراك ولا على التفكير في الطريق الأنسب للخلاص من براثن الموت المحقق
في أول محطة نزلت مسرعة، رأت الشاب يقفز من العربة خلفها و يحاول اللحاق بها وهو في حالة يرثى لها
- سيدتي سيدتي توقفي انتظري
لم تدر كيف صعدت العربة الموالية، استأنست بالركاب، التقطت أنفاسها بصعوبة، لم تستطع حتى الصراخ لنجدتها ..!
أمسك الشاب بكتفها فسقطت أرضا من رعبها ..!!
كان منهك القوى لا يقوى حتى على الكلام ، شعرت بأنفاسه المتسارعة .. أمسك يدها فصرحت مرعوبة وحاولت التملص منه، لكنه أحكم الإمساك بيدها ثم فتحها و وضع بها سلسلة وأغلقها وبصعوبة قال :
- أرهقتني سيدتي !! .. أنا مريض ومصاب بصعوبة في التنفس ونسيت رشاش الدواء ، وها أنت تنهكين قواي .. السلسلة وقعت منك وسط العربة وجريت خلفك لأعطيك إياها !!!
لم يكد ينهي كلماته حتى سقط مغشياً عليه .. أحاطه الركاب لإسعافه بينما بقيت متسمرة في مكانها ذابلة مذعورة لترتمي على أول كرسي و هي منهكة القوى لا تجرأ على الكلام خجلًا وخوفا ..!!
يا لجنون خيالها حين يجنح فكرها للأوهام .. !!
و بأي المتاهات يرمينا الخوف حين يغرس مخالبه فينا ؟!! .
فرنسا-باريس-16-اغسطس-2015م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق