أهم المنشورات

الخميس، 20 أغسطس 2015

عفيفة سعودى سميطى " آه ... يا للثّرى كمْ يُغَيّبُ "



آه ... يا للثّرى كمْ يُغَيّبُ
كلمات الكاتبة التونسية :عفيفة سعودى سميطى
في أجوافه من دُرر!...و آه للرّوح كم يغور فيها الحزن ...حتّى لكأنّها داموس بلا قرار و بلا حدّ...أخيرا أطلقتك الأنابيب...و تلقّتك يا مهجة الرّوح الأذرع و الصّدور و التفّت بجسدك الذي أنهكته الإبر...أخيرا عُدْتْ يا طيرا قنصته رمية مُحْكمة و أحْكمت وَثْقه جرعات و مشارطٌ حادت عن مرمى الوهن...عُدْتَ بعد رحلة خلناها ألف دهر ... إلى عشّك الذي ما عاد يحمل عُشْبات الرّبيع... و لا وهْجات الصّيف...خريف يُجلّل موكبك ...و ريشات تتدافع فوقك مقصوصة تمسح بحنوّ جروحك رغم كلّ النّزْف ...عدْتْ و جسدك ما استطاع هذه المرّة أن يحتفظ بعودة الأطيار رغم حرارة الصّلوات في كل سحر...
أتُدْرك أنّك السّماء و الأرض... و أنّنا لا نرسو...و أنّك حملتَ المرساة و مضيْت...
فقط الان ... و على ضفاف قبرك نتعلٌم بمشقّة بالغة الرّسّوّ...نخنق النّحيب... و نُخْرس النّواح... و نقتل البكاء خشوعا لك ... فقد كنت بالغ الهدوء و لا تحبّ الصٌخب...و محرابك ... لا نلجه إلا بعد طرقٍ خفيف رقيق لا يهزّك...
اليوم... بدأنا نتعلّم السّير بين المقابر ... و كعادتنا بهدوء... حتى نبلغ قبرك...فقد تغيّر المكان و ما عُدْت تسكن بيتك...و من جديد نصوغ طريقة سير أخرى ...بمرارة حنطل تفقع القلب...وفاء ً منٌا لطير ما فقسنا إلاّ بدفء جناحيه...و ما عاد يحلٌق كعادته ... المُقام بالارض ما عاد يطيب له و الثّرى أضحى له المُستقرُّ...و المحراب تغيّرت كلّ معالمه...و ما عادت الجدران تٌسيّجه... طيْر حرّ هو الان... و لا احد سيحْكم وثقه... فطيلة الرّحلات كان لا يُلْقم سوى الحَبَّ و الحُبَّ...
نعدك ... أيها الرٌاحل المكابر.... نعدك بالإصغاء الدّائم و الوقوف كل يوم عند محرابك...و صوتك...و حتّى و أنت تحت الثّرى.... فسيظلّ دوما يشقّ طريقه حانيا نحو أفئدتنا...و أبدا يا مهجة الرّوح لن نفترق...فقط عندما يحتدم الدّمع و ينزل فوقك المطر...لا تقل أنّ الشّتاء هلّ.... بل هم أطفالك ...تُمْطرُ أعينهم ... كلّما برّح بهم التّوْق....
تونس-20-اغسطس-2015م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات