أهم المنشورات

الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

أنا أحب أمي " سوسن الشريف "



أنا أحب أمي
كلمات الكاتبة الجزائرية:سوسن الشريف


دخل المكتب بخطوات خجولة ..! نظر حوله بتوجس، تعانقت نظراتنا، تقدم مني مبتسما كما لو أنه عثر على وجه استأنس له

أدخلته غرفة المكتب رغم أنني كنت مغادرة، حيَّاني بأدب استلطفت حضوره، لم يكن يتجاوز الإثنى عشر عاما
الإبتسامة المرسومة على وجهه البرئ استشفت نفسي منها ألما نائما في روحه ..!!
- سيدتي... أدري هكذا يجب أن نقول أمي ربتني جيدا وهي تحبني كثيرا، لكنها عصبية سريعة ( .النرفزة ) رغم حنانها
أشعر أنها تحبني لكن لكن....
وصمت فجأة انحدرت من عينيه اللتين تتقدان ذكاءًا.- دمعة، كم تألمت لها شعرت أن ثمة ألما كبيرا يفوق إحساس الطفل 
- فهمت اسمك منير أليس كذلك؟

- كيف عرفتي ؟ .. أدري أنتم تعرفون كل شيء لهذا أتيت إليك
- عرفت من اسمك المكتوب على محفظتك .. ما بها عزيزي أمك هل هي مريضة؟

- لا .. لا لكن ربما يمكن أن نقول ذلك، مسكينة تعمل طول اليوم نحن نرهقها أنا وإخوتي
- لكن ماذا يمكنني أن أفعل لك عزيزي؟

- أنا.. أنا لا أريد أن أشتكي منها لكنني...
ليختنق من جديد بالبكاء
- ماذا تقول عزيزي؟ .. اهدأ قليلا لا تخش شيئا

- سيدتي .. إنها تضربنا ضربا مبرحا، أنظري يدي وظهري، ما عدت احتمل إنني لا...
وأجهش بالبكاء مجددا
- هل تريد أن نخبر أحدا ؟ .. والدك مثلا

- والدي مات فذهبنا لجدي لكنه طردنا، ليس له إلا غرفة واحدة ومطبخ و يسكن معه أعمامي. لكن...
تمالك نفسه ليردف من جديد :
أمي تشقى من أجلنا ومتعبة ولكن ما عدت أحتمل ضربها
- هل تريد أن أطلب أحدا من أقاربك عزيزي ؟

- لا لا .. ارجوك سيأخذوننا وأمي ستموت حزنا علينا
- ولكن ألا تريد حلًا ..؟

- نعم لكن عندي فكرة، تذهبين عند أمي قولي لها إذا لم تتوقف عن ضربنا فسوف تأخذينا منها ، عندهاستخاف ولن تضربنا بعدها !
- لكنه ليس حلًا عزيزي .. لا بد أن أخبر المساعدة الاجتماعية

- لا .. لا أريد فأنا أحب أمي وهي تحبنا، أريد فقط أن تخيفيها ثم أنها متعبة من العمل لهذا هي عصبية...
وأجهش مجددا بالبكاء
- إبق هنا عزيزي .. سأعود.. لحظة فقط

غادرت غرفة المكتب لأعود بكأس عصير لكنه كان قد غادر المكان، والأكيد أنه فعل خشية على أمه ..
ما آسفني أنه لم يكن ممكنا أن أحميه من الظلم الواقع عليه، لا مراكز ولا تشريع يكفل له حقه وغيره من الأطفال في أن يعيش بأمان كإنسان ..
فكم من "منير" ضل الطريق مازال يبحث عن يد رحيمة ترفع عنه عنفا نفسيا أو مادياً واقعاً على جسده الصغير سيلتصق به حتى آخر يوم في حياته

لا نستغرب إذاً إن شب هو و أمثاله على العنف نتيجة الإحساس بالفراغ العاطفي و الكبت النفسي ..

فمتى نعامل هذا الطفل كإنسان كامل الحقوق و ليس كدمية بين أيادينا أو بئر نرمي فيها مآسينا نحن الكبار ..
فكل طفل ولد للحب ومن الحب و كل أمله أن يعطينا كل ما في روحه من جمال ..

فلم نقتل حب الحياة فيه صغيرا فيشب مكسور الوجدان كبيرا؟!!.
فرنسا -باريس-3-سبتمبر-2015م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات