أهم المنشورات

الأحد، 19 أبريل 2015

د. محسن الشرقاوى " أما أنا .. أو .. أولادى ..!! "

زوجات .. وأزواج ..!!
( 5 )
أما أنا .. أو .. أولادى ..!!
***************
قالت :- لم أعد أطيقه فى حياتى .. سأطلب الطلاق النهائى منه .. 
بلا رجعة ..!!
قلت :- هل أنت حرة ..؟!!
وقبل أن تسأل ماذا أقصد .. أسرعت قائلاً : - يعنى هل بينكما أولاد .. 
قالت :- ثلاث أولاد ..!!
سكت قليلاً ثم قلت :- وهل تضحين بأولادك ..؟!!
قالت فى أسى :- أولادى هم المشكلة .. وأساس العقدة .. فكلما تأزمت العلاقة وطلبت الطلاق .. تدخل أخوتى وأخوته .. لتهدئة الأمور بحجة الأولاد .. وقد تحملت كثيراً فوق أعصابى وطاقتى .. ولم تعد لدىّ قدرة على الأحتمال .
قلت :- ألم تفكرى فى حياة ونفسية أولادك .. وعلاقتهم بالآخرين .. وأنعكاس الأنفصال عليهم .. ؟!!
قالت :- إن حافظت على أولادى ونفسيتهم وحياتهم السليمة .. فالمقابل هو دمار نفسيتى وحياتى .. والله أعلم ماذا سأفعل بنفسى .. فأنا أقف على حافة الهاوية .. وإن ضحيت بأولادى للخلاص من زوجى ..فهذا يعنى عودة الروح إلىّ .. وأنقاذى من السقوط فى الهاوية .. أو الأنتحار أو الموت قهراً .. أما أنا وأما هم ..!!
وسكتت قليلاً ثم قالت متألمة :- هناك من يقتلون غيرهم بوضع السم فى طعامهم ليتخلصوا منهم .. ولكن هناك نوعية ثانية مثل زوجى قتلة مجرمون ولايدرى بهم أحد .. فهو يضع السم فى عقلى وروحى وقلبى .. كل يوم .. فأموت موتا بطيئا قاسيا فظيعا لاأحتمل آلامه .. فكيف نحاكم من يقتلون الأجساد .. ولانحاكم من يقتلون النفوس والأرواح ..؟!!.. 
قلت لها :- أنت تتحدثين من وجهة نظرك .. فهل هو المخطئ وحده .. أم انك قد تكونين دون أن تدرى .. شريكة له فى الخطأ .. وماوصلت إليه من نتائج وأوضاع سلبية مؤلمة .. !!
صرخت : - والله العظيم .. كمايقولون بالبلدى .. قدت صوابعى العشرة شمع .. ومفيش فايدة ..!!
قلت : - إذن لماذا لم تطلبى الطلاق قبل أن تنجبى منه .. ولماذا أنتظرت حتى أصبح لديك ثلاث أولاد ..؟!!
قالت : - لم أكن اتصور انه بهذه البشاعة .. وكان لدىّ أمل فى أصلاحه وتغييره .. كنت أظن أن مرور السنين وأستمرار العشرة ستقربنا من بعض .. ويتنازل هو وأتنازل أنا .. حتى نقترب من بعضنا .. ويكون هناك توافق .. ولكنه مثل الحجر لايتأثر .. أو قطعة الجليد ..!!.. بينما أحترق أنا مثل الشمعة البائسة .. تضئ وتعطى .. وهى تفنى وتتلاشى ..!!
قلت لها : - أنا أشعر أنك شخصية مميزة .. وجميلة .. ولذلك أستغرب من سوء علاقتك مع زوجك .. وكيف لم تقدرى على أحتوائه ..؟!! 
ردت بسرعة : - أنا أمرأة أستثنائية .. ذات طبيعة خاصة .. وتحتاج إلى معاملة خاصة .. وزوجى لايفهم ذلك ..!!.. لقد قتل فىّ كل صفاتى ومميزاتى الجميلة .. بدلاً من أن يستثمرها لصالح علاقتنا الزوجية .. أنه إنسان من طبيعة أخرى .. !!
أبتسمت قائلا : - أنت لست أمرأة أستثنائية .. بل أمراة غير عادية ..!!.. وهو ليس إنسان من طبيعة أخرى .. بل رجل عادى ..!!.. فالبشر فى هذه الحياة صنفان .. الصنف الأول رجل غير عادى وأمرأة غير عادية .. والصنف الثانى رجل عادى وأمرأة عادية .. والعلاقة بين الصنفين تسير على سلك رفيع مثل سلك السيرك .. فأما أن تؤدى إلى السقوط والموت والهلاك .. وأما أن تؤدى إلى المتعة والسعادة والنجاح والسمو .. ولعلمك ياسيدتى .. أنا أيضا رجل غير عادى .. وقد عانيت كثيرا لكونى كذلك ..!!
وهذا بالتأكيد موضوع كبير وعميق وسوف أكتب عنه قريباً .. ولكن أرجوك ياسيدتى .. فكرى فى أولادك ..!!
قالت : - لم تعد هناك فرصة للتفكير .. لقد أنتهى الأمر تماماً .. لقد ألقى علىّ ثلاث إيمانات بالطلاق .. واصبحت محرمة عليه .. !!.. ويجب أن يطلقنى رسمياً .. !!
قلت : - هل انت متأكدة من انه كان يقصد عن يقين طلاقك .. أى انه عقد النية فعلاً .. ولم يكن فى حالة انفعال وفقد أعصاب ..!!
قالت : - إنه يقول أنه لم يعقد النية .. فى المرة الثالثة .. وكان يلوح على سبيل التهديد ..!!
أبتسمت قائلاً : - وأنت أنتهزت الفرصة لكى تتخلصى منه .. أو على الأقل تشكين فى مدى صدقه ..!!.. ولكن ليس من المعقول أن يكذب زوجك فى ذلك .. وإلا تحمل معصية كبيرة أمام الله .. فالموضوع ليس بهذه البساطة سيدتى ..!!
قالت : - لقد قرر زوجى أن يستدعى شيخاً من الأزهر لعقد جلسة يحضرها كبار رجال العائلة .. للأفتاء والحكم فى الموضوع .. لننهى كل شئ .. واعتقد ان الشيخ سوف يفتى بحرمانية معيشتى معه ..!!
قلت : - وإذا لم يفتى بذلك .. فكيف تتصرفين ..؟!! 
قالت : - سوف أطلب الطلاق .. أمام الجميع .. وأصر عليه .. مهما كانت الظروف والضغوط ..!!
قلت : - لاأعتقد انك ستقدرين على ذلك .. !!
قالت : - سترى ..!!
فى اليوم التالى سألتها .. هل عقدت الجلسة .. وبماذا أفتى الشيخ ..؟!
قالت : - الطلقة البائنة لم تقع .. ومازلت زوجته ..!!
قلت : - ولكنك طلبت حريتك .. بكل شجاعة .. وارغمتيه على ذلك ..!!
فالت : - نعم .. ولكنه لم يوافق .. وأقسم أنه سيغير من نفسه وتصرفاته ليرضينى ..!! 
قلت : - ولكنك رفضت .. !! 
قالت : - صرخت وبكيت وتشنجت وأقسمت .. وتهجمت عليه وضربته بيدىّ أمام الجميع .. كنت منهارة تماماً ..!!
قلت : - وأنتصرت فى النهاية ..!!
قالت : - ظل أخوته وأخوتى يتحايلون ويسترضونى ويستعطفونى من اجل الأولاد ..!!
قلت : - ولكن قلبك كان متحجرا كالصخر .. فسعادتك أهم من كل شئ فى الدنيا ..!! 
قالت : - نعم .. كان متحجرا كالصخر .. وأصررت بشدة .. 
قاطعتها بسرعة وأنا أقول ساخراً : - أخيراً أصبحت أمراة مطلقة .. أمراة حرة ..!!
قالت : - لا .. لقد حن قلبى ولان ..!!
قلت فى ثقة وهدوء : - تصالحت معه على مضض .. ورضيت باستكمال حياتك معه .. فقط من أجل أولادك ..!!
قالت فى ضعف : - ربنا يصبرنى .. ربنا كريم ..!! 
أبتسمت ولم أعلق .. فقد كنت أعرف جيداً .. قلب الأم .. !!

د. محسن الشرقاوى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات