قالوا الخيانةُ في زمانِنا شيمُ ... وأصبحتْ خُلُقاً تَبذلها أممُ
وقد وفيت وفاءً لم أجدْ سبباً ... لتاركِ أملاً أخلاقُه قيمُ
أن يزدريْ رجلاً أقامَ معتقداً ... في ردِّ نازلةٍ أحقادُها علمُ
لكنّ أمرَ الخلقِ في الدنا عجبٌ ... ما لم تقمْ بنزولِ غيثنا هممُ
والبحرُ إنْ مدّ أسبابَ الحياةِ له ... من وصلِ أعبائِنا في ملئِه عدمُ
وهل لظمآنِ عِزٍّ جهدُ مهزلةٍ ... أو هل لفاقدةٍ أعرافَها دسمُ
تنمو بنا فقراتُ ذِلّةٍ زَمَنَاً ... ويُكِثرُ الطعنَ في ديارنا عجمُ
ونجعلُ الخلَّ في أعرافِنا عدداً ... والنذلُ في دارنا قامت له القممُ
إن قام جُعلٌ شغلْنا في الهوى طَرَبَاً ... أو قام منتقدٌ ثارت لنا ذممُ
وقال لي قمرٌ أما لنا أملٌ ... في صلحِ حالتِنا أم أمرُنا حلمُ؟
فقلت إنَّ المنى في عرفِنا خللٌ ... والفكرُ في ظلِ أسبابِ الأسى حطمُ
كالعاشقين وفي أحلامِهم شغفٌ ... للعيشِ في واقعٍ بنينُه هدِمُ
ولو توعَّد عشاقَ المنى خطرٌ ... لضاقَ من صفحاتِ عشقِهم غرمُ
لكنّ في فتنِ الحياةِ مصلحةً ... تميزُ من هولِها من في الأسى هَرِمُ
فلا تسلْ عن رفيقٍ مثله هملٌ ... إذا تداعت ميادينُ الوغى هزموا
ولا تسلْ عن هوًى أصحابه قصصٌ ... فما بأصحابِ نسيانِ الوفا كرمُ
إنْ كنتُ أكتبُ في الأحداثِ خاطرتي ... فذا لأنَّ الأسى في وقتنا لزمُ
وقد كتبتُ بأحداثِ الأسى قَصَصَاً ... لأنني في ديارِ الحزنِ ملتزمُ
وما كتبتُ بأقلامِ الرجا شَذَرَا ... أو جانبَ الحقَ في أوصافِهِ قلمُ
إنْ تعرفِ الحزنَ أو إنْ ذقتَ مدمَعَه ... لسوفَ تعلَمُ أنَّ الحزنَ مُنتَقمُ
يأتي الألو عرفوا من حزننا خبراً ... يجادلون بأهواءٍ وهمْ صممُ
فقلتُ والقولُ في أهوائِهم عبثٌ ... يَا ليتَ في نحركِم يستعصِمُ الألمُ
حتى تروا ما أصابَ القلبَ من حَزَنٍ ... ما كان عن لَعِبٍ أو عابه زخمُ
بل كانَ عن ضَرَرٍ في قومِنا جَلَلٍ ... هدَّ الوئامَ وما ضاعتْ له هممُ
كفاكَ من كلماتِ العارفين هدًى ... فما أصاب القومَ جهلٌ ولا وهموا
وإنني رغم أحزاني لفي ثِقةٍ ... بأنَّ نارَ اللظى لا ريبَ ترتدمُ
فخذْ لأجيالنا من يومِنا عِبَراً ... فالظاهرُ الزَّمَنُ الآتي لنا سلمُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق