قالت : - كنت بنتا مرحة .. أحب الضحك والفكاهة .. أعشق الخروج للتنزة والترويح عن النفس .. أحب التزين الهادئ الذى يظهر جمالى الطبيعى .. دون تبرج أو تصنع ..!!.. أعشق الأناقة أو الشياكة كمايقولون .. حتى وأنا فى البيت ..!!.. فأنا أحب أن أبدو جميلة حتى وأنا مع نفسى ..!!.. فالأحساس بالجمال يشبع حاجة روحى ..!! .. أحب التواصل والتفاعل مع الناس .. فالعزلة تقتل النفس والأحساس .. والحركة تشيع البهجة والحيوية .. !!.. كنت وأنا بنت أشعر بأننى إنسانة .. كنت كالفراشة الرقيقة الحالمة .. السابحة فى بحر الضياء .. كنت كالعصفورة الراقصة على أنغام السماء .. وكنت أحلم وأنتظر .. من يشق السحاب ليحملنى بين ذراعيه .. ونسبح ونهيم سوياً .. فى عالم الخيال والأساطير .. لنبنى دنيا جديدة نعيش فيها كالملائكة .. ولكن كم من أحلام يقتلها الواقع .. فتستحيل أوهاماً وسراباً خادعاً .. وكم من قلوب خضراء ذبلت وأجدبت قبل الأوان ..!!
قلت :- هذا وأنت بنت .. فكيف أنت الأن ..؟!!
قالت فى أسى :- تزوجت .. وكان زواج صالونات ..!!............................
قدمت له حياتى وروحى .. وفعلت مايرضيه .. وبعدت عن كل الأشياء التى يكرهها .. تنازلت كثيرا لأقترب منه .. وحتى نعيش حياة سعيدة ..!! ولكنه لم يقدم لى شيئا فى المقابل .. بل لاأشعر بأن له وجود فى حياتى .. كانت لى بصماتى فى حياته .. ولم أرى بصماته فى حياتى .. لدرجة أننى لم أعد أشعر أننى إنسانة .. بل أشعر كلما نظرت لنفسى فى المرآة وتذكرت تصرفاته معى .. أشعر أننى حيوانة .. !!.. وأنا لاأتحمل هذا الشعور بالمهانة .. !!
قلت :- ماذا تقصدين ..؟!!..
قالت :- منذ تزوجته وأنا حبيسة المنزل .. كل صلتى بالحياة هو زيارتى لأخوتى .. وغالبا فقط أنا وأولادى .. لاذهاب إلى نادى أو مصايف .. أو رحلة .. لاخروج للفسحة او التنزة مثل باقى الناس ..!!
قلت :- ولاحضور ندوة ثقافية أو ادبية أو حفلة غنائية .. أو مشاركة فى جمعية خيرية أو مساعدة أرامل ويتامى .. أو أى نشاط يشغل به الإنسان نفسه ووقت فراغه .. حتى يشعر بطعم الحياة والوجود ..!!
ضحكت فى مرارة قائلة :- أنت تتحدث عن المعجزات .. حياتى سجن كبير وهو سجانى ..!!.. يعود من عمله لكى يأكل وينام .. أو يشاهد التليفزيون وحده ..!!.. ودائما عبوس الوجة متجهم لايحدث أحدا .. وإن حاولت تجاذب أطراف الحديث معه يرد بعبارات مقتضبة دون أحساس .. فتتوقف الحروف فى حلقى وأسكت ..!!......... كلما نظرت إليه أحسست أننى أرى كهلا تعدى المائة عاماً .. وهو مازال رجلاً شاباً ..!!.. بينما هناك شيوخ يتمتعون بالحيوية والشباب .. لأن قلوبهم مازالت شابة تعشق الحياة ..!!........ تشاجرت معه كثيرا .. وطلبت الطلاق .. ولكنه كان دائما يؤكد أنه يحبنى .. وأنه سيتغير ..!!.. ولكن هذا لم يحدث مطلقا ..!!..
إننى أحن إلى حياتى قبل الزواج .. وأتمزق بين حياة أحلم بها وأريدها .. وبين حياة واقعية أعيشها ..!!.. أحيانا يتملكنى الصداع القاتل .. من شدة التفكير والأجهاد النفسى والجسدى ..!!..... ماذا أفعل ..؟!!.. وكيف أتصرف ..؟!!.. الجنون يقترب منى ..العذاب يدمرنى .. أحياناً أسهر حتى الصباح والأرق يحاورنى .. ويصيبنى التعب الشديد وروحى تكاد تغادرنى .. أنا لم أعد أعرف من أنا .. ولماذا أعيش ..؟!!..
وسكتت قليلا ثم قالت فى أسى :- هل تصدق .. لقد أحتفلت منذ فترة قريبة بعيد ميلادى ..
قاطعتها قائلا :- أحتفلت معه ..؟!!
فردت قائلة :- مع نفسى ..!!.. لقد صنعت تورتة عيد الميلاد بنفسى ووضعت فيها شموعى السوداء ..!!.. وأحتفلت مع صديقاتى وأصدقائى على الفيس بوك ..!!.. أما زوجى العزيز فعندما عاد إلى البيت وشاهد التورتة والزينة الملونة .. نظر إليها وقال .. أنت عاملة تورتة .. آكل منها بكره .. عشان أنا تعبان وعايز أنام ..!!
لم يلتفت إلى منظرى الجميل الأنيق .. ولم يشعر بأى أختلاف عن أى يوم آخر .. ولم يسأل عن سر وجود التورتة والزينة ..!!.. إننى أحياناً أسأل نفسى .. هل زوجى له عيون يرى بها ؟!.. هل له قلب يحس .. هل له هدف فى حياته .. هل له أحلام .؟!!.. .. هل أكتفى بأمتلاكى كقطعة من أثاث البيت أو مقتنياته ..؟!! .. وهل يكفى أن يحبنى كمايدعى .. دون أن يثبت بالأدلة والبراهين أنه يحبنى بالفعل .. ودون أن يحاول أن يكسب ودى ..؟!!.... لقد علمنى زوجى الفرق الكبير بين البصر والبصيرة .. فمن يفقد قلبه البصيرة .. لايمكن أن يرى أى شئ فى الحياة على حقيقته ..!!.. لقد أفقدنى زوجى شعورى ببهجة وجمال الحياة .. فلم أعد قادرة على تحمل حياتى ..!!.. أو قبول حياة هو فيها ..!! .......................................................................................................
************* وإليه أقول : -
بعض الزوجات مثل العصافير تعشق الهواء والأحلام والضياء .. وتموت إذا حبست خلف القضبان .. !!.. وبعض الأزواج مثل الغربان تعشق النعيق وتنشر الكآبة والغباء ..!!..
إلى كل زوج ...........
قبل أن تقدم لعصفورتك الحب والماء .. قدم لها الحب والحنان والعطاء .. لغة القلوب هى الدواء .. بدلا ممن أن تحبسها فى قفص ذهبى .. طر معها وأنطلق فى السماء .. غرد معها .. أحتويها .. ولاتتركها تشكو همها لعصفور آخر .. وهو مجرد عابر سبيل ..!!.. وكن أنت عصفورها الجميل .. ..!! .. من يعجب بالوردة يقطفها ولايبالى ..!!.. ومن يحب الوردة يرويها بدمه .. لتظل مشرقة تفيض بالسحر والجمال ..!!...... أحب وردتك .. لتملأ روحك وقلبك بالعطر والأمال .. !!
د.محسن الشرقاوى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق