أهم المنشورات

الأحد، 23 أغسطس 2015

القطار بقلم .. سارة عثمان


القطار
بقلم .. سارة عثمان

افاقت نور من غفوتها وهى تنظر لخاتمها الذهبى وتنهدت قائله كل شىء نصيب وانت الم تتزوج حتى الآن؟؟
خالد : تزوجت منذ 6 سنوات ولكننا انفصلنا منذ عام تقريبا 
نور : يالهى ولم انفصلتما الم تكن تحبها ؟
خالد: ليس الامر كذلك ولكنه النصيب كانت فتاه من اسره طيبه والدها كان مديرى فى العمل وقد اتفقنا على الزواج بابنته 
وتمت الزيجه سريعا ولم الحظ الكثير من الاختلافات فيما بيننا 
لم يكن بيننا شىء مشترك نتفق عليه ولم تهتم كثيرا لاشياء كانت تضايقنى حتى كاد الحوار بيننا ان يكون مقطوعا 
واصبحنا كالغرباء فى بيت واحد وكثرت بيننا الخلافات حتى اتفقنا على الانفصال بهدوء 
نور : الم ترزق منها بطفل ؟
خالد: لا لم يشأ الله
نور : انا اسفه حقا 
خالد : لا داعى للاسف قدر الله ما شاء فعل قالها وهو يرتشف فنجان قهوته 
نور : لماذا انت ذاهب للاسكندريه ؟
خالد : عمل لدى مهمه عمل لاستقبال خبير اجنبى للاتفاق على صفقه معدات للشركه لمده يوم واحد واعاود مساءا الى القاهره 
وانتى يانور لماذا السفر للاسكندريه بمفردك دون زوجك اسف ان ضايقتك بسؤالى

نور : لا شىء على الاطلاق كل ما هناك ان احدى قريباتى سيعقد قرانها اليوم ولم تستطيع والدتى السفر لمرضها فتركت ابنى لديها على ان ارجع غدا ان شاء الله 
خالد : واين زوجك ؟ اويتركك دائما تسافرين وحدك هكذا !!!
نور: بنظرات منكسره كنت اتمنى ان يصطحبنى ولكنه دائم الانشغال عنا بالعمل فهو يدير احدى شركات والده الصناعيه ودائم التنقل والسفر ولا اراه الا قليلا ومعظم الوقت اقضيه وابنى وحدنا ....

خالد: الست سعيده معه يانور 
نور لا مطلقا فهو رجل خلوق يقدرنى كثيرا ويحب ابننا بجنون ويعاملنا بطيبه ولطف انما هى انشغالاته الدائمه التى يجعلنا نشعر بالوحده والاحتياج اليه بجانبنا وقد اعتدنا على ذلك 
خالد: اتحبيه ؟
نور : لقد كبرنا ونضجنا بالقدر الذى ندرك فيه ان الحب لم يعد مجرد كلمات تقال انما هى حسن العشره وتألف القلوب وعادل زوجى حنون 
ويشعرنى بالطمأنيه والامان ويتحملنى كثيرا فى غضبتى وانفعالى وكثيرا ما اخجل من نفسى واحاول جاهده اتملك من ثوراتى ....

ينطلق صوتا مدويا وحشرجه بالقطار يهتز لها الركاب على اثر فرمله قويه فيعلو الضجيج والصخب والكل يتسأل ماذا حدث ومن فرط الهزه تساقط بعض الركابين اثناء سيرهم وتصطدم فتاه صغيره بمقعدها فتسقط بجوار نور وهى تبكى بشده

التقطها خالد بسرعه من على الارض وراح يهدأ من روعها وطلب لها كوبا من الماء فأتى به عامل البوفيه وهو يوجه الحديث الى نور هل حدث مكروه لبنتكما لا قدر الله
فنظر خالد الى نور بنظره خاطفه ليلتقط احساسا معينا منها راوده فى تلك اللحظه وقال للنادل وعيناه مسلطه على نور 
لا شكرا جزاك الله خيرا قد فزعت فقط من صوت الفرمله المفاجىء ماذا حدث للقطار ولما توقف 
النادل : انه عطل مفاجىء بغرفه المحركات ويتم اصلاحه الان ولن يستغرق وقتا طويلا ان شاء الله لا داعى للقلق ياسيدى 
ومضى فى طريقه لعمله
وخالد مازال مسلطا وجهه لنور قائلا لقد ظنها ابنتنا اومت نور براسها ولم تنطق فاسترسل خالد الحديث 
لو كنا تزوجنا لكان لدينا طفله فى عمرها اليس كذلك
نور : ولكنا لم نتزوج ياخالد فبرغم ما كان يجمعنا من عاطفه لم يكن لنا نصيب معا
خالد بعصبيه واضحه انتى السبب لولا اصرارك على تأجيل الزواج حتى استطيع ان احصل على شقه ولم اكن وقتها املك النقود الكافيه وقد عرضت عليك ان نقيم فى شقه ابى وامى حيث انى وحيدهما ولكنك كنتى انانيه ولم تفكرى الا برغباتك ومظهرك امام اصدقاءك وعائلتك كنتى تريدى الشقه والسياره والحياه الميسره انتى السبب فانا لم استطيع ان اتجاوب مع اجد غيرك ولم اكن اريد سواكى انما هى انانيتك التى ...
نور : لا لست السبب كما تتدعى لماذا تتهمنى وحدى وقد كنت انسان غير طموح رضيت بوظيفه صغيره وبراتب ضئيل رغم وجود فرصه للسفر اتت اليك تساعدك على تحسين الاوضاع وتحل مشكلاتنا انما اردت ان تفرض عليا العيش مع والديك فى شقه واحده
خالد : لا ليس صحيح لقد كنتى تعرفين انى لا استطيع ترك والدتى المريضه ووالدى لم يكن ليقوى على مراعاتها وكثيرا ما حاولت ايجاد من يرعاها ولكنى اخفقت 
الان انتى تشتكين الوحده مع زوجك وتنتقدين غيابه الدائم رغم انه يعمل لاجلك دائما تنظرين لنفسك فقط مازلت انانيه كما انتى

يبدأ القطار فى التحرك بطء وتزداد سرعته شيئا فشيئا حتى يتابع سيره بانتظام 
ويسود الصمت بينهما وقد بات واضحا الانفعال على ملامحهما
يحاول خالد تخفيف الوضع محاولا رسم ابتسامه على وجه نور مره اخرى 
فاكره يانور عندما كنا فى احدى المحاضرات عندما كان بحانبى احد زملائنا المهوس بالكره وهو يضع بأذنيه سماعه الراديو ليتابع المباره اثناء المحاضره وعندما احرزالفريق هدف وقف صائحا جوووول........... وانطلقت الصفافير وسط القاعه وانطلقت نور بالضحكات

وقهقا عاليا وهى تكمل فصرخ فى وجهه الدكتور قائلا اخرج فوراا .....
واسترسلا فى الضحك حتى افاقا على من حولهم وهم يبتسمون فى دهشه
فتمالكا نفسيهما وخرجا من القاعه وهستيريا من الضحك قد تملكت منهم وهم يعودون مره اخرى لمقاعدهم 
نور وهل تذكر يوم رحله القطار الى الاقصر فى نصف العام فقد كان القطار العتيق ذو المقاعد الخشبيه ونوافذ بلا زجاج
وظللنا طول الليل نغنى ونضحك حتى وصلنا فجرا وقد طلع النهار وكانت اصواتنا جميعا قد حبست فى حلوقنا من فرط الضحك والغناء 
خالد يقهقه نعم وقد ذهبنا الى احدى الصيدليات لشراء اقراص استحلاب وسط دهشه الصيدليى حيث كنا نتحاور معه كالبكماء بالاشارات
وارتفعت مره اخرى اصوات ضحكاتهما حتى ادمعت اعينهم من فرط الضحك وقد انفصلا عن كل المحيطين بهم فى عالم خاص بهم

يرتفع صوت الاذاعه الداخليه بالقطار باقى على وصول القطار 10 دقائق ويدخل الى محطه الوصول الى الاسكندريه 
حمدا لله على سلامتكم ويستعد الركاب لمغادره القطار ويتحسس كل طريقه استعداد للنزول 
يسود الصمت مره اخرى ونظرات الترقب تنطق بقلق هل انتهى كل شئ لقد انتهت الرحله وانتهى اللقاء ماذا بعد ياترى ......
هل سيتوعدان على اللقاء مره اخرى ام سيعود كل الى طريقه مره اخرى ويتسأل خالد 
هل تسمحين لى بأطمئنان عليك من وقت لآخر يانور بالتلفون قالها بنبرات مرتبكه 
نور تلتقط انفاسها و قد تعلثم الكلام فى حلقها 
وتنطق بتردد الحقيقه ياخالد ....

فقاطعها ليوفر عنها عناء الرد 
لا بأس يانور لا بأس استطيع تفهم الوضع لا داعى للاحراج كنت فقط اريد الاطمئنان عليك من وقت لاخر على كل حال اتركك فى رعايه الله ولندع الايام تمضى كما تشاء الاقدار

نور تقول وقد انقذتها كلمات خالد قد نلتقى مره اخرى كما تلاقينا اليوم
خالد : ربما يانور ربما فقط اتمنى لك كل السعاده وفى رعايه الله 
نور وانت ايضا اهتم بنفسك وفقك الله الى اللقاء ياخالد
خالد الوداع يانور الوداع

توقف القطار وانطلقت صفاره ناظر المحطه لتعلن وصول القطار الى اخر الخط 
تصافحا وتعانقت ايديهم مع اعينهم احكم خالد قبضته على يد نور كأنما يرتوى من عطش السنين بدفء يديها المرتعشتين 
احست نور بحراره اللقاء تسرى فى كيانها وترقرقت دمعه من عينيها انحدرت على وجنتيها فسقطت على يده حاره فاحتضنها بين اصابعه وكأنما يختزنها بين طياته 
ازداد توتر نور فجذبت يدها بنعومه من بين قبضته وسارعت بالمغادره ولم تحاول الالتفات الى الخلف بينما خالد يرمقها بنظراته وهو يسالها استطيع توصيلك الى اى مكان فاشارت بيدها لا ياخالد شكر شكرا ساذهب وحدى الى اللقاء
وهويرمقها ليلاحق خطواتها المسرعه مودعا وداعا حبيبتى وداعااااااا
لم تسمعه نور فقد اختفت بسرعه بين جموع المسافرين منهم من يعانق فراقا ومنهم من يعانق لقاء وتمتزج الدموع بين ملامح كل هؤلاء البشر بين دمع فرح بلقاءو الم لفراق ضحكات وابتسامات لوعه وقلق 
واصوات الضجيج تعلو فى كل مكان فى هذا العالم الغريب
وصوت المذيع الداخلى يعلو فوق الهرج والضجيج

على الساده الركاب المسافرين الى ........
سرعه التوجه الى رصيف مغادره رقم ....
للقطار رقم .....
المتجه الى !!!!!!!!!!!
القطار
بقلم .. سارة عثمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات